قال رضي الله عنه : " بعد البسملة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحمد لله تعالى, السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أم بعد, فالذي أوصيكم به وإياي المحافظة على قوله صلى الله عليه وسلّم: " ثلاث منجيات وثلاث مهلكات. فأمّا المنجيات فهي تقوى الله في السّرّ والعلانيّة, وكلمة الحقّ في الرّضى والغضب, والقصد في الغنى والفقر. وأمّا المهلكات فشحّ مطاع, وهوى متّبع, وإعجاب كل ذى رأى برأيه.". وعلى قوله صلى الله عليه وسلّم:" ما تحت قبّة السّماء إله يعبد من دون الله أعظم من هوى متّبع .". وعلى قوله صلى الله عليه وسلّم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. ". وعلى قوله صلى الله عليه وسلّم: " لا تتمنّوا لقاء العدوّ واسألوا الله العافيّة فإذا لقيتموهم فاصبروا. " الحديث. وهذا, وإن ورد في ميادين الجهاد في قتال الكفّار فهو منقلب في هذه الأزمنة في الصفح عن شرّ النّاس. فمن تمنّى بقلبه أوأراد تحريك الشرّ منه على النّاس سلطهم الله عليه من وجه لا يقدر على دفعهم, وعلى العبد أن يسأل الله العافيّة من تحريك شّر النّاس وفتنتهم, فإن تحرّك عليه من غير سبب منه فالوجه الأعلى الذي تقتضيه رسوم العلم مقابلتهم بالإحسان في إساءتهم, فإن لم يقدر فبالصفح والعفو عنهم إطفاء لنيران الفتنة. فإن لم يقدر فبالصبر لثبوت مجاري الأقدار ولا يتحرّك في شيء من إذايتهم لإساءتهم, فإن اشتعلت عليه نيران شرّهم فليدافع بالتي هي أحسن بلين ورفق, فإن لم يفد ذلك فعليه بالهرب إن قدر, والخروج عن مكانه, فإن عوقت العوائق عن الارتحال ولم يجد قدرة فليدافع بالأقل فالأقل من الإذاية. فليفعل ذلك ظاهرا ويكثر التضرّع إلى الله والإبتهال سرّا في دفع شرّهم عنه, مداوما ذلك حتى يفرّج الله عليه.